29 Oct, 2007
سيل الكتب
الكاتب: محمد شدو | التصنيف: تجارب ناجحة للتعلم والمحاكاة , لقطات أمريكية (صور) , مظاهر وأسباب التقدم
السيل من الكثرة، وكلمة “سيل” أعلاه تشير لهذه الكثرة. غير أن الطريف أنها تشير لشيء آخر أيضاً أريده، ولكن بلغة غير العربية. فأنا أتحدث عن “The Book Sale”، يعني أوكازيون الكتب بالمصري، أو معرض الكتب المخفضة بالعربية الفصحى. ولو أردت أن تنقل الاسم بالعربية، فسوف تكتب كلمة “Sale” هكذا: “سيل”. إذن هذه الأحرف الثلاث تفي بالغرض بعبقرية لغوية غير معتادة.
ذلك إذاً معرض للكتب المستعملة في حالة جيدة، يقام مرتين سنوياً في المدينة الصغيرة التي أعيش فيها. يفتح المعرض أبوابه ثلاثة أيام في الأسبوع على مدار أسابيع ثلاثة، وتباع فيه الكتب بسعر موحد. ويقل هذا السعر الموحد يوماً بعد يوم، حتى يصل السعر في اليوم قبل الأخير إلى 10 سنتات فقط لأي كتاب، وأمامك ألوف مؤلفة من الكتب تنظر فيها وتختار. أما اليوم الأخير فسيمونه “يوم الكيس”، والكيس هاهنا إشارة إلى كيفية البيع في هذا اليوم، فأنت تأخذ كيساً من البلاستيك وتملأه بكل ما تستطيع من كتب، وتدفع في الكيس دولاراً واحداً!!! حينما أخرج من هذا المعرض محملاً بالكتب، التي ربما لن أجد عمراً يتسع لقراءتها جميعاً، وأدفع فيها ما يكاد يصرخ “أنت في الواقع لم تدفع شيئاً”، حينها أقول بيني وبين نفسي: “عمار يا أمريكا”. وهو تعبير قلما أقوله، لأن عندي حصانة فطرية ضد الانبهار، ولله الحمد، وعادة ما أرى في الحسن من الأشياء، في بلاد الأغنياء، مجرد وضعاً طبيعياً يليق بالإنسان، وما عداه هو الخارج عن الطبيعي والمقبول، مما تجد في بلاد يحكمها الغول!
وبعد نهاية المعرض، هناك يوم للمدرسين وممثلي الشركات التي لا تهدف للربح، بل والآباء الذين يعلمون أبناءهم في المنزل، حيث يتاح لهم الأخذ مما تبقي من الكتب مجاناً. حينما علمت بذلك قلت لنفسي، يا سلام لو تكون هنالك مؤسسة غير ربحية تأخذ هذه الكتب أو بعضاً منها وترسله إلى مصر حيث تباع الكتب مثلاً بما يغطي سعر الشحن، أو بسعر رمزي. فيكون في ذلك إتاحة لمن يريد قراءة كتب إنجليزية أن يقرأ دون أن يدفع أسعاراً لا معقولة لشراء كتاب واحد “مستورد”. أو وضعها في مكتبات عامة في عاصمة مصر وأقاليمها، ولا سيما الأخيرة.
والصورة التالية لما خرجت به من المعرض الأخير، لا كيس واحد، ولكن اثنان، ودفعت فيهما دولارين أمريكيين بالتمام والكمال. يعني كام بالمصري؟ حوالي عشرة جنيهات أو أكثر قليلاً!