01 Jan, 2008
هل غير مايكل اسمه؟
الكاتب: محمد شدو | التصنيف: الدين في أمريكا , الناس في أمريكا , تأملات ومشاهدات
منذ سنوات أربع كنت في ولاية فلوريدا أعمل مع طبيب صديق مصري أمريكي (في الإداريات يعني لأنني لست طبيباً!). كان صديقي، وما زال، يغلق عمله وقت صلاة الجمعة، ثم نذهب جميعاً لمسجد مدينة فورت مايرز Fort Myers في جنوب غرب ولاية فلوريدا. وبعد الصلاة نقف قليلاً أو كثيراً خارج المسجد نتحدث مع الأصدقاء. ذات يوم خرجنا من المسجد وخرج معنا شاب أمريكي أراه لأول مرة. بعد أن حييته قال لي أنه جديد. سألته:
– جديد في الدين أم في المنطقة؟
– في كليهما!
كان مايكل شاباً شديد اللطف وكان إلفاً مألوفاً (يعني يألف الناس بيسر ويألفوه، وأعتقد أن ذلك من وصف النبي للمؤمن، أنه إلف مألوف). وبعد حديث سريع وتعارف بينه وبين بعض أفراد الجالية، تحدثت معه على انفراد حديثاً طويلاً. سألته عما دفعه لاعتناق الإسلام. قال لي أن خطيبته باكستانية مسلمة، وأنها أخبرته أنه لن يمكنه الزواج منها إلا إذا أسلم، وطلبت منه دراسة الدين.
سألته إن كان قد دخل في الدين فقط ليتزوجها.
– لا، ولكنها فتحت لي الباب.
– وكيف تعلمت عن الإسلام، وماذا قرأت؟
– كتب مختلفة، غير أن أكثر هذه الكتب تأثيراً في كان كتاباً اسمه “شمس الله تشرق على الغرب”. كتاب مذهل.
– نعم سمعت عنه، هو لكاتبة ألمانية (زجريد هونكه).
غير أن أهم ما تطرق إليه حوارنا هو الحديث الذي بدأه مايكل قائلاً، بصوت خافت:
– ولكنني لم أغير اسمي بعد.
آااخ! لقد دخلت يا مايكل في منطقتي المحظورة! ولسوف أتكلم وأتكلم، فلا أصمت حتى يهدأ غيظ عقلي، ويبرد غضب نفسي!
قلت له حسناً، اسمع لي. وذلك ما لم يزل في الذاكرة مما قلت له:
- يجب أن تكون حذراً وأنت تسمع لما يقوله لك المسلمون. إن بعض المسلمين يظنون أن الإسلام ديناً عربياً، نعم لقد نزل القران عربياً، لكن الإسلام دين للناس جميعاً. سوف تجد منهم من يقول لك أن ترتدي جلباباً عربياً، وتختار اسماً عربياً. لكن الحق أنه لا تناقض هنالك بين أن يكون اسمك مايكل وأن تكون مسلماً. إن لك عقلاً، اقرأ القران، وهو المصدر الأول للإسلام، ثم افعل ما تراه صواباً. إن القران ليس حكراً على أحد، ومن ثم فلك أن تسمع للمسلمين، لكن لا تدعهم يبثون في نفسك أن ما يقولون هو الصواب الذي لا يشوبه باطل. استمع للآراء المختلفة، ثم الجأ للمصدر. لقد وعد الله في القران أنه سوف يحفظه من التحريف والتشويه. وهو متاح للجميع. لا يوجد في الإسلام كهنوت ولا سلطة دينية، ولوكره الضالون (الذين يتمنون أن يكونوا هم السلطة الدينية). إن النبي محمد، الذي هو رسول الإسلام وأرفع الناس فيه مقاماً، يقول الله له في صريح القران أنه ليس له السيطرة على جمهور المسلمين (لست عليهم بمسيطر)، وأنما هو رسول منذر. فلا تدع أحدهم يوحي إليك أن له الحق في السيطرة على عقلك. إن إسلامك هو بداية على الطريق. إقرأ وتعلم، وأحذرك لوجه الله أن فلاناً وعلاناً سوف يجيئون إليك ويقولون لك افعل ولا تفعل. استمع فقط لعقلك ولكتاب الله.
بعد أن فرغت مما عندي، رأيت البشر على وجه مايكل. كان متحمساً سعيداً، يقول لي نعم نعم أنا أحب ما تقول، لقد رفعت عن نفسي هماً وحملاً ثقيلاً. وكلامك منطقي، وهو أقرب لروح العدل. ثم أضاف أنه بالفعل لم يحب فكرة تغيير اسمه، وشكرني شكراً جزيلاً!
يكاد أن يكون من قال أن الدين أفيون الشعوب صادقاً! غير أن الصدق لا يتحقق بأنصاف الحقائق. نعم لطالما وكثرما ضل الناس عن الفطرة تحت عمامة الدين وخلف عبائته. غير أن الدين لا عباءة له ولا عمامة. لا لون له ولا جنس، ولا أرض ولا اسم.
لونه نقاء الفطرة.
وجنسه أهل الصدق.
أرضه ما بين حدود الحق.
واسمه نهر، ينبع من الحرية، وفيها يصب!