هذا طائر اجتمع معي يوم أمس في ذات المكان، توجانوك بارك في مدينة إثاكا الشمالية الصغيرة، حيث أحد الثنائيات المفضلة عندي ألا وهي اجتماع الماء والخضرة. لم يبد عليه أن عنده هموم أو مشاغل، لذلك من الطبيعي أن نتصور أنه خرج في الطبيعة يلهو ويستمتع بجمالات الخلق الإلهي في كوكب الأرض. كان يمشي حيناً في الخضرة، ويقف أكثر الأحيان ونظره للماء، واقفاً هادئاً متأملاً. ثم يرتفع عن الأرض ارتفاعاً يسيراً حيث لا يمسكه إلا الرحمن، فيمرح في الهواء لحظات ثم يعود إلى الأرض. كان يسرع للارتفاع أيضاً كلما حاولت أن أدنو منه كي أصوره عن قرب. لم يدرك أنني إنما أردت الاقتراب بحسن نية وفي إطار من مشاعر الود والصداقة، لا تشوبها شائبة من الإثم والعدوان. ربما علم من تجربته الخاصة ومن حكايات الحكماء من الطير أن الإنسان كائن لا يؤمن جانبه. والطير لا يحزن كثيراً أن يذبحه الإنسان ليأكله، فهو يعلم أن هذه واحدة من أسباب خلق الله له، لكنه رأى كيف يقتل الإنسان طيوراً ليلهو بها ويمرن مهاراته في تصويب الرصاص والموت إلى صدور الأحياء. كما علمت الطيور أيضاً ما فعله الإنسان في الأرض من فساد وتلويث مما لا يتصوره عقل، إذ لم يلبث بنو آدم أن خربوا اليابسة حتى تحركوا إلى البحر الواسع فلم يرحموه من مختلف أنواع السموم والفضلات يلقونها إليه! وها أنا أنشر صورة هذا الطائر المحب للماء والخضرة كلفتة سلام وود نحو هذه المخلوقات الجميلة، نيابة عن نفسي وعن كل أصدقائي من البشر الذين لا يحبون الفساد ولا يسعون في الأرض تلويثاً وتخريبا!